إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. logo إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
shape
شفاء العليل شرح منار السبيل
335019 مشاهدة print word pdf
line-top
المستحاضة المعتادة

قوله: [فصل ومن جاوز دمها خمسة عشر يوما فهي مستحاضة] لأنه لا يصلح أن يكون حيضا، فإن كان لها عادة قبل الاستحاضة جلستها ولو كان لها تمييز صالح، لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- لأم حبيبة امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي رواه مسلم .


الشرح: ابتدأ المصنف هنا في بيان أحكام المستحاضة فبعدما ذكر لنا مقدار الحيض: أقله، وأكثره، وغالبه، ذكر أن الاستحاضة ليست بحيض، فإذا كانت أكثر مدة الحيض نصف شهر، فما زاد عليه فهو استحاضة.
وقد ذكرنا- فيما سبق- أن شهر المرأة هو ما يأتيها فيه حيض وطهر كاملان، سواء كان شهرا هلاليا أم لا.
فإذا كانت تحيض سبعة أيام وتطهر ثلاثة وعشرين يوما ، فشهرها ثلاثون، وهو الشهر الهلالي، وهكذا إذا كانت تحيض ستة أيام وتطهر أربعة وعشرين يوما ، فشهرها هلالي، أما إذا كانت تحيض خمسة أيام ،وتطهر ثلاثين يوما ، فشهرها خمسة وثلاثون صوما، فإذا كانت تحيض عشرة أيام، وتطهر أربعين يوما فشهرها يكون خمسين يوما ، لكن غالب النساء يكون شهرها هلاليا، أي ثلاثين يوما أو نحوها، وقد يزيد يوما أو يومين، وقد ينقص.
والمستحاضة لها ثلاث حالات:

الحالة الأولى: وهي أن تكون معتادة، والمعتادة هي التي لها عادة قد عرفتها، استمرت معها نحو عشر سنين أو عشرين أو نحوها، فعرفت- مثلا- بأن حيضها يكون ستة أيام من كل شهر، فهي تحيض في الثالث وتطهر في العاشر مثلا، واستمرت على هذا الحال، ثم بعد ذلك اختلط عليها الأمر، فهذه تجلس عادتها فقط وتعدها حيضها، وما عداها فهو استحاضة، والدليل عليه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة بنت أبي حبيش - وهي من اللاتي استحضن على عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم- دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي وفي حديث آخر قال -صلى الله عليه وسلم- دعي الصلاة أيام أقرائك فدل هذا على أنه قد كان لها أقراء معلومة، والأقراء هي الحيض، فأمرها أن تترك الصلاة قدر أيام أقرائها، ثم بعد ذلك تغتسل وتصلي، وتجعل الباقي استحاضة.
والسبب في هذا الحكم أن الأصل أن عادتها لم تتغير؛ لأنها قد استمرت معها طويلا، وأن هذا الدم الذي اختلط عليها دم فساد، فتبقى على حالتها الأولى، وتتوقف عن الصلاة قدر أيامها المعتادة وهي خمسة أو ستة أو سبعة، أو نحو ذلك، ثم بعد ذلك تصوم، وتصلي، وتقرأ، وتتعبد، وتعمل ما يعمله غيرها- كما سبق-.

line-bottom